كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ وَهُوَ مَا قَالَهُ قَبْلَ دُخُولِهَا) شَامِلٌ لِمَا قَالَهُ فِي طَرِيقِهَا سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْقَدِيمُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ بِالْعِرَاقِ تَصْنِيفًا، وَهُوَ الْحُجَّةُ أَوْ أَفْتَى بِهِ وَرُوَاتُهُ جَمَاعَةٌ أَشْهَرُهُمْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالزَّعْفَرَانِيُّ وَالْكَرَابِيسِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَدْ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ وَقَالَ لَا أَجْعَلُ فِي حِلِّ مَنْ رَوَاهُ عَنِّي، وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَحِلُّ عَدُّ الْقَدِيمِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الصَّدَاقِ غَيَّرَ الشَّافِعِيُّ جَمِيعَ كُتُبِهِ الْقَدِيمَةِ فِي الْجَدِيدِ إلَّا الصَّدَاقَ، فَإِنَّهُ ضَرَبَ عَلَى مَوَاضِعَ مِنْهُ زَادَ مَوَاضِعَ وَأَمَّا مَا وُجِدَ بَيْنَ مِصْرَ وَالْعِرَاقِ فَالْمُتَأَخِّرُ جَدِيدٌ وَالْمُتَقَدِّمُ قَدِيمٌ وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ قَدِيمٌ وَجَدِيدٌ فَالْجَدِيدُ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ يَسِيرَةٍ نَحْوِ السَّبْعَةَ عَشَرَ أَفْتَى فِيهَا بِالْقَدِيمِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَقَدْ تَتَبَّعَ مَا أَفْتَى فِيهِ بِالْقَدِيمِ فَوَجَدَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَيْضًا وَنَبَّهَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُنَا عَلَى شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إفْتَاءَ الْأَصْحَابِ بِالْقَدِيمِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ اجْتِهَادَهُمْ أَدَّاهُمْ إلَى الْقَدِيمِ لِظُهُورِ دَلِيلِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ نِسْبَتُهُ إلَى الشَّافِعِيِّ قَالَ وَحِينَئِذٍ فَمَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّخْرِيجِ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى بِالْجَدِيدِ، وَمَنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّخْرِيجِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُ مَا اقْتَضَاهُ الدَّلِيلُ فِي الْعَمَلِ وَالْفَتْوَى بِهِ مُبَيِّنًا أَنَّ هَذَا رَأْيُهُ وَأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي قَدِيمٍ لَمْ يُعَضِّدْهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَا مُعَارِضَ لَهُ فَإِنْ اعْتَضَدَ بِدَلِيلٍ فَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ قَالَ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُمْ الْقَدِيمُ مَرْجُوعٌ عَنْهُ وَلَيْسَ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مَحَلُّهُ فِي قَدِيمٍ نَصَّ فِي الْجَدِيدِ عَلَى خِلَافِهِ أَمَّا قَدِيمٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْجَدِيدِ لِمَا يُوَافِقُهُ وَلَا لِمَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ مَذْهَبُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ عَدَمُ وُقُوعِ هَذِهِ) أَيْ لَفْظَةٍ فِي قَوْلٍ قَدِيمٍ.
(قَوْلُهُ وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِنَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ بِأَنْ يُرَادَ بِالنَّحْوِ مَا يَقْرُبُ مِنْ نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ.
(قَوْلُهُ وَأَنَّهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى بَيَانٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَصَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْقَدِيمِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ) أَيْ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْجَدِيدِ لِمَا يُوَافِقُهُ وَلَا لِمَا يُخَالِفُهُ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَكَانَ إلَخْ) بِشَدِّ النُّونِ وَقَوْلُهُ تَرَكَهُ إلَخْ أَيْ الْمُصَنِّفُ اسْمُهُ وَخَبَرُهُ.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ ظُهُورِهِ لَهُ) أَيْ ظُهُورِ الْمَذْكُورِ مِنْ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ لِلْمُصَنِّفِ سم.
(قَوْلُهُ لِيَقْوَى إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالْإِغْرَاءِ وَعِلَّةٌ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَوَصْفُ الْوَجْهِ) فِعْلٌ وَمَفْعُولٌ وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ رَاجِعٌ إلَى الْمُصَنِّفِ.
(وَمِنْهَا مَسَائِلُ) جَمْعُ مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَا يُبَرْهَنُ عَلَى إثْبَاتِ مَحْمُولِهِ لِمَوْضُوعِهِ فِي الْعِلْمِ وَمِنْ شَأْنِ ذَلِكَ أَنْ يُطْلَبَ وَيُسْأَلَ عَنْهُ فَلِذَا يُسَمَّى مَطْلُوبًا وَمَسْأَلَةً (نَفِيسَةٌ) لِعُمُومِ نَفْعِهَا وَمَسِّ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَوَصْفُ الْجَمْعِ بِالْمُفْرَدِ رِعَايَةً لِمُفْرَدِهِ سَائِغٌ (أَضُمُّهَا إلَيْهِ) أَيْ الْمُخْتَصَرَ فِي مَظَانِّهَا اللَّائِقَةِ بِهَا غَالِبًا (يَنْبَغِي) أَيْ يُطْلَبُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَغْلَبُ فِيهَا اسْتِعْمَالَهَا فِي الْمَنْدُوبِ تَارَةً وَالْوُجُوبِ أُخْرَى، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ لِلْجَوَازِ أَوْ التَّرْجِيحِ وَلَا يَنْبَغِي قَدْ تَكُونُ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ الْكَرَاهَةِ (أَنْ لَا يُخَلِّيَ الْكِتَابَ) الْمَذْكُورَ وَهُوَ الْمُخْتَصَرُ وَمَا ضُمَّ إلَيْهِ وَقَدْ سَمَّاهُ فِي ظَهْرِ خُطْبَتِهِ بِخُطَّةِ الْمِنْهَاجِ وَهُوَ كَالْمَنْهَجِ وَالنَّهْجِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ مِنْ نَهَجَ كَذَا أَوْضَحَهُ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى سَلَكَ فَقَطْ (مِنْهَا) لِنَفَاسَتِهَا وَوَصْفِهَا بِالنَّفَاسَةِ، وَالضَّمُّ أَفَادَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ لَكِنْ أَعَادَهُمَا هُنَا بِزِيَادَةٍ يَنْبَغِي وَمَعْمُولُهُ إظْهَارُ السَّبَبِ زِيَادَتُهَا مَعَ خُلُوِّهَا عَنْ التَّنْكِيتِ بِخِلَافِ سَابِقِهَا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ غَالِبًا) إشَارَةً إلَى أَنَّهُ قَدْ يَجْمَعُهَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَا فِي مَظَانِّهَا كَمَا فِي زِيَادَةِ الْجَنَائِزِ.
(قَوْلُهُ يَنْبَغِي) الْأَوْجَهُ أَنَّ يَنْبَغِي هُنَا بِمَعْنَى يَلِيقُ وَيَحْسُنُ وَيَتَأَكَّدُ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ مَا) أَيْ مَطْلُوبٌ خَبَرِيٌّ يُبَرْهِنُ إلَخْ أَيْ إنْ كَانَ كَسْبِيًّا نِهَايَةٌ أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ بَدِيهِيًّا فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ بُرْهَانٌ ع ش عِبَارَةُ الْبُرْهَانِ لِلْفَاضِلِ الْكَلَنْبَوِيِّ مَسَائِلُ كُلِّ فَنٍّ حَمْلِيَّاتٌ مُوجِبَاتٌ ضَرُورِيَّاتٌ كُلِّيَّاتٌ يُبَرْهَنُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْفَنِّ إنْ كَانَتْ نَظَرِيَّةً إلَخْ، وَقَالَ فِي حَاشِيَتِهِ قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ نَظَرِيَّةً يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمَسَائِلَ لَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ نَظَرِيَّةً بَلْ قَدْ تَكُونُ بَدِيهِيَّةً. اهـ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ شَأْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ السَّعْدِ فِي التَّلْوِيحِ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَكَّبَ التَّامَّ الْمُحْتَمِلَ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ يُسَمَّى مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُهُ عَلَى الْحُكْمِ قَضِيَّةً وَمِنْ حَيْثُ احْتِمَالُهُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ خَبَرًا، وَمِنْ حَيْثُ إفَادَتُهُ الْحُكْمَ أَخْبَارًا وَمِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ جُزْءًا مِنْ الدَّلِيلِ مُقَدِّمَةً وَمِنْ حَيْثُ يُطْلَبُ بِالدَّلِيلِ مَطْلُوبًا وَمِنْ حَيْثُ يَحْصُلُ مِنْ الدَّلِيلِ نَتِيجَةً وَمِنْ حَيْثُ يَقَعُ فِي الْعِلْمِ، وَيُسْأَلُ عَنْهُ مَسْأَلَةً فَالذَّاتُ وَاحِدَةٌ وَاخْتِلَافُ الْعِبَارَاتِ بِاخْتِلَافِ الِاعْتِبَارَاتِ. اهـ.
(قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا يُبَرْهَنُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ يُسَمَّى مَطْلُوبًا وَمَسْأَلَةً إلَخْ) نَشْرٌ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ.
(قَوْلُهُ وَوَصْفُ الْجَمْعِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ فَقَدْ ذَكَرَ الْأُشْمُونِيُّ فِي شَرْحِ الْأَلْفِيَّةِ أَنَّ الْأَفْصَحَ فِي وَصْفِ جَمْعِ الْكَثْرَةِ إذَا كَانَ لِمَا لَا يَعْقِلُ الْإِفْرَادُ بَصْرِيٌّ، وَأَيْضًا صَرَّحَ النُّحَاةُ بِجَوَازِ وَصْفِ غَيْرِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ مِنْ الْجُمُوعِ بِمُفْرَدٍ مُؤَنَّثٍ بِتَأْوِيلِ الْجَمَاعَةِ.
(قَوْلُهُ غَالِبًا) إشَارَةً إلَى أَنَّهُ قَدْ يَضُمُّهَا فِي غَيْرِ مَظَانِّهَا كَمَا فِي زِيَادَاتِ الْجَنَائِزِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْ يُطْلَبُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ أَنَّ يَنْبَغِي هُنَا بِمَعْنَى يَلِيقُ وَيَحْسُنُ وَيَتَأَكَّدُ سم عَلَى حَجّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ أَيْ يُطْلَبُ فِي الْعُرْفِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ اسْتِعْمَالُهَا) أَيْ لَفْظَةُ يَنْبَغِي.
(قَوْلُهُ فِي الْمَنْدُوبِ تَارَةً وَالْوُجُوبِ أُخْرَى)، وَتُحْمَلُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْقَرِينَةِ نِهَايَةٌ بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةً وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى النَّدْبِ إنْ كَانَ التَّرَدُّدُ فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، وَإِلَّا فَعَلَى الِاسْتِحْسَانِ وَاللِّيَاقَةِ وَمَعْنَاهَا هُنَا كَمَا قَالَ عَمِيرَةُ إنَّهُ يُطْلَبُ وَيَحْسُنُ شَرْعًا تَرْكُ خُلُوِّ الْكِتَابِ مِنْهَا ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يُخَلِّيَ) لَعَلَّهُ مِنْ الْإِخْلَاءِ.
(قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ.
(قَوْلُهُ أَفَادَهُ) أَيْ الْوَصْفُ بِهِمَا.
(قَوْلُهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَعَ مَا أَضُمُّهُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ النَّفَائِسِ الْمُسْتَجَادَاتِ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ أَعَادَهُمَا) أَيْ الْوَصْفَيْنِ، وَكَانَ الْأَوْفَقُ لِمَا قَبْلَهُ الْإِفْرَادَ.
(قَوْلُهُ لِسَبَبِ زِيَادَتِهَا) أَيْ تِلْكَ الْمَسَائِلِ مَعَ خَلَّوْهَا أَيْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَابِقِهَا) أَيْ مِنْ النَّفَائِسِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا تَنْكِيتَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي زِيَادَةِ فُرُوعٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفُرُوعِ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى اسْتِيعَابِ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ حَتَّى يُنَكِّتَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَسْأَلَةَ كَذَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَهَا بِخِلَافِ التَّنْبِيهِ عَلَى الْقُيُودِ وَاسْتِدْرَاكِ التَّصْحِيحِ فَإِنَّ التَّنْكِيتَ يَتَوَجَّهُ عَلَى مَنْ أَطْلَقَ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ أَوْ مَشَى عَلَى خِلَافِ الْمُصَحَّحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُغْنِي.
(وَأَقُولُ) غَالِبًا فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ قَوْلِهِ فِي فَصْلِ الْخَلَاءِ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَإِنْ كَانَ زِيَادَةَ مَسْأَلَةٍ بِرَأْسِهَا وَسَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي إلْحَاقِ قَيْدٍ إلَخْ أَنَّ لَهُ زِيَادَاتٍ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ وَمِنْ الِاسْتِقْرَاءِ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي اسْتِدْرَاكِ التَّصْحِيحِ عَلَيْهِ (فِي أَوَّلِهَا قُلْت وَفِي آخِرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ مِنْ كُلِّ عَالِمٍ وَزَعَمَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ قِيلَ مُطْلَقًا.
وَقِيلَ لِلْإِعْلَامِ بِخَتْمِ الدَّرْسِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا إيهَامَ فِيهِ بَلْ فِيهِ غَايَةُ التَّفْوِيضِ الْمَطْلُوبِ بَلْ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْعِلْمِ فِي قِصَّةِ مُوسَى مَعَ الْخَضِرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ لَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِيهِ فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى أَيْ حَيْثُ سُئِلَ عَنْ أَعْلَمِ النَّاسِ فَقَالَ أَنَا إذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إلَيْهِ إذْ رَدُّهُ إلَيْهِ صَادِقٌ بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُ أَعْلَمُ بَلْ الْقُرْآنُ دَالٌّ لَهُ وَهُوَ: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَأَبْرَدُهَا عَلَى كَبِدِي إذَا سُئِلْت عَمَّا لَا أَعْلَمُ أَنْ أَقُولَ اللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنْ سُورَةِ النَّصْرِ فَقَالُوا اللَّهُ أَعْلَمُ فَغَضِبَ وَقَالَ قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لَا نَعْلَمُ.
وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ قَالَهُ مَرَّةً قَدْ تَيَقَّنَّا إنْ كُنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ لِتَعَيُّنِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ فِيمَنْ جَعَلَ الْجَوَابَ بِهِ ذَرِيعَةً إلَى عَدَمِ إخْبَارِهِ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ فِي اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَعْلَمُ وَنَحْوِهِمَا مَا يُصَرِّحُ بِحُسْنِ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ فَعَلَيْك بِهِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِمَنْ سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ وَمُنِعَ نَحْوُ مَا أَحْلَمَ اللَّهَ نَظَرًا لِتَقْدِيرِ النُّحَاةِ فِي التَّعَجُّبِ شَيْءٌ صَيَّرَهُ كَذَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ فِيهِ غَايَةَ الْإِجْلَالِ وَبِنَحْوِ: {قُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} أَيْ مَا أَبْصَرَهُ وَأَسْمَعَهُ.
كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ لِقَوْلِ قَتَادَةَ لَا أَحَدَ أَبْصَرُ مِنْ اللَّهِ وَلَا أَسْمَعُ وَتَقْدِيرُ النُّحَاةِ الْمَذْكُورُ غَيْرُ لَازِمٍ وَلَا مُطَّرِدٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَقَامٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ كَشَيْءٍ وَصَفَهُ بِذَلِكَ أَمَّا نَفْسُهُ أَوْ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ قَدْ تَيَقَّنَّا) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنَّ اللَّهَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَقُولُ فِي أَوَّلِهَا إلَخْ) أَيْ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ مَسَائِلِ الْمُحَرَّرِ مَحَلِّيٌّ أَيْ مَعَ التَّبَرِّي مِنْ دَعْوَى الْأَعْلَمِيَّةِ عَمِيرَةُ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِغَالِبًا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ.
(قَوْلُهُ يَقُولُ ذَلِكَ) أَيْ مَا يَأْتِي مِنْ قُلْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَوْلُهُ فِي اسْتِدْرَاكِ التَّصْحِيحِ إلَخْ أَيْ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَزَادَةِ كَقَوْلِهِ قُلْت الْأَصَحُّ تَحْرِيمُ ضَبَّةِ الذَّهَبِ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي أَوَّلِهَا قُلْت وَفِي آخِرِهَا إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ مَعْنَاهُمَا الْعُرْفِيُّ فَيَصْدُقُ بِمَا اتَّصَلَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ عَمِيرَةُ.
(قَوْلُهُ لَا إيهَامَ) أَيْ لِمُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي الْعِلْمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْمَ التَّفْضِيلِ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ.
(قَوْلُهُ مَا يَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِطَلَبِ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ إذْ رَدَّهُ إلَخْ) فِي كَوْنِ هَذَا الْقَدْرِ كَافِيًا فِي الِاسْتِدْلَالِ تَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ اللَّهُ أَعْلَمُ إلَخْ) أَيْ وَقُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا.
(قَوْلُهُ وَأَبْرَدُهَا) أَيْ الْكَلِمَاتِ أَوْ الْأَجْوِبَةِ أَوْ الْأَقْوَالِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَنْ أَقُولَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ عَنْ سُورَةِ النَّصْرِ) أَيْ عَنْ الْمُرَادِ بِالنَّصْرِ وَالْفَتْحِ فِيهَا.
(قَوْلُهُ أَنَّهُ قَالَ) أَيْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ (وَقَوْلُهُ لِمَنْ قَالَهُ) أَيْ خِطَابًا لِمَنْ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ (وَقَوْلُهُ مَرَّةً) يَظْهَرُ أَنَّهُ ظَرْفٌ لِقَالَ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ قَدْ تَتَبَّعْنَا إلَخْ) مَقُولُ عُمَرَ.
قَالَ سم قَدْ ضَبَّبَ الشَّارِحُ بَيْنَ قَدْ تَيَقَّنَّا وَبَيْنَ أَنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ كُنَّا لَا نَعْلَمُ عَلَى تَقْدِيرِ لَامٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِتَيَقَّنَّا، وَقَوْلُهُ إنَّ اللَّهَ إلَخْ مَفْعُولُهُ.
(قَوْلُهُ لِتَعَيُّنِ حَمْلِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ، وَالضَّمِيرُ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ.
(قَوْلُهُ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ إلَخْ) أَوْ عَنْ حَالِ نَفْسِهِ مِنْ عِلْمٍ أَوْ جَهْلٍ مَا سُئِلَ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ) أَيْ حَسَنٌ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ لَا رَدَّ قَوْلَ ذَلِكَ الْبَعْضِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ فِي نَحْوِ اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ وَمُنِعَ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ مَرْدُودٌ وَهُوَ كَلَامٌ اسْتِطْرَادِيٌّ.